* السيرة النبوية : بعثة النبيّ *
كاسل الرسالات السماوية Written by  أيار 17, 2019 - 412 Views

السيرة النبوية : بعثة النبيّ

بقلم المستشار : سالم العقيلي
 المركز العالمي للدراسات و أبحاث  الأشراف
 
بُعِث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن بلغ الأربعين من عمره، والأربعون هو سنّ اكتمال الرجولة ورجاحة العقل، وحينها نزل عليه جبريل وهو يتعبَّد لله في غار حراء، وكان نزوله يوم الاثنين، السابع عشر من شهر رمضان، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إِذا نزل عليه الوحي اشتدّ عليه وتغيَّر وجهه، وتعرَّق جبينه، ولمّا نزل عليه الـمَلَك، قَال له:

(اقرأ)، فأجابه صلّى الله عليه وسلّم: (ما أنا بقارئ)، فغطَّه الـمَلَك حتّى بلغ منه الجهدُ، ثُمَّ قَال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(اقرأ)، فأجابه: (ما أنا بقارِئ)، فأعادها عليه ثلاث مرّات ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يجيب:

(ما أنا بقارئ)، ثُمَّ قال جبريل عليه السّلام: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،


بعدها رجع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى منزله في مكّة، حتّى وصل إِلى زوجه خديجة رضي الله عنها، وكان حينها يرتجف، فأخبرها بما حصل معه، فثبَّتته وقوّت عزيمته وقالت له:

(أبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبداً، إِنَّك لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتصْدُقُ الحدِيث، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المعْدُوْمَ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلى نَوائِب الحقّ).

بعد ذلك أخذته زوجه خديجة حتّى إذا وصلت به إلى ابن عمّها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصَّر في الجاهليّة قبل مجيء الإسلام، وكان حينها يكتب الكتاب العبرانيّ، فكتب شيئاً من الإِنجيل باللغة العربيّة، وكان كبيراً في السن وقد أصابه العمى لكبر سنّه، فقَالت له خديجة:

(يَا ابْن عَمِّ، اسْمَعْ مِن ابْنِ أَخِيك)، فَقَال لَهُ وَرقةُ:

(يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرى؟) فَأخْبَره النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بمَا رَأى وما حصل له مع الوحي، فَقالَ لَهُ وَرقةُ:
(هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أنزَلَه اللهُ عَلَى مُوسى، يَا ليْتَنِي فِيها جَذَعاً، لَيتني أَكُون حيّاً إِذْ يُخْرِجُك قَومُك). فَقالَ له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينها:
(أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم؟) قَالَ:
(نعمْ؛ لَم يأتِ رَجلٌ قَطُّ بمثْلِ مَا جِئتَ بِه إلا عُودِي، وَإن يُدرِكْنِي يَومُك أَنصُرْك نَصراً مؤزَّرا

بعد وفاة ورقة بن نوفل فتَرَ الوحي عن النزول إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فاغتمَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لذلك، واشتاق لنزول الوحي، فما مكث حتّى نزل عليه جبريل على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، مُبشِّراً له ومُثبِّتاً، ومُخبِراً إيّاه بأنّه رسول الله حقاً، وفجزِع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وخاف منه، وانطلق إلى زوجه خديجة وهو يرتجف، قائلاً:

(زمّلوني، دثّروني)، فأُنزل الله -سُبحانه وتعالى- عليه حينها مطلع سورة المُدّثّر، وأمره أن يدعوَ قومه إلى عبادة الله، ويُنذِرهم، فاستجاب -الرسول صلّى الله عليه وسلّم- لأمر الله، وانطلق يدعو الناس إلى الإسلام كما أمره، وقد آمن معه أناس من كلّ قبيلة، فمكث ثلاث سنين يُسِرُّ بالدّعوة إلى أن أمره الله بالجهر بها، فآذاه قومه، وأهانوه، وشتموه، ورموه بما ليس فيه.

هجرة النبيّ إلى المدينة

بعد أن اشتدّ أذى قريش لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، حينها شكا أصحابهمن ذلك، وطلبوا منه أن يأذن لهم بالهجرة، فأذِن لهم بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا إليها أفواجاً، بعد أن هيّأ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المدينة لذلك مُسبقاً، فآواهم الأنصار وتقاسموا معهم أموالهم، ولم يبقَ من المسلمين في مكّة إلا عدد يسير منهم، على رأسهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأبو بكر الصدّيق وعليّ رضي الله عنهما، وغيرهم ممّن كان به مرض، أو عجز، أو حبس.

بعد ذلك خشيت قريش أن يخرج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ويفرَّ ومن معه من المسلمين بالدّعوة، ويصبح لهم كيان مستقلّ، وشوكة ومنعة وقوّة، فاجتمعوا للتشاور في أمره، وكان اجتماعهم في دار النّدوة، وكان ممّن حضر ذلك الاجتماع إبليس، وقد تصوَّر على هيئة شيخ نجديّ، فأشاروا بعدّة آراء، وكان إبليس يرفضها، حتّى قال أبو جهل:

(نأخذ من كلّ قبيلة من قريش غلاماً بسيف، فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرّق دمه في القبائل، فلا يقدر بنو عبد مناف على حرب الكلّ)، فقال إبليس: (هذا هو الرّأي)، فأجمعوا على تنفيذ هذه الخطة، إلّا أنّ جبريل -عليه السّلام- أخبر النبيَّ بذلك، فعزم على ترك مضجعه والهجرة في تلك الليلة، وجعل عليّاً مكانه، فلمّا دخل الليل اجتمعوا على بابه يترقّبون نومه ليقتلوه، فخرج عليهم وألقى حفنة تراب في وجوههم، فلم يرَوه، وهاجر برفقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حتّى وصلا المدينة وأقاما فيها، فبنى فيها مسجداً.


Related items

السيرة النبوية : غزوة أحد أيار 17, 2019 - 412 Views
غزوة بدر الكبرى أيار 17, 2019 - 412 Views
غزوات الرسول (ص) المتتالية أيار 17, 2019 - 412 Views

من نحن

  • مجلة كاسل الرسالات السماوية معنية بتوضيح مفهوم الدين الصحيح السمح الوسطى والمعايشة السلمية وقبول الآخر فى مجتمع واحد متناسق الأطراف  
  • 0020236868399 / 00201004734646
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.