
كاسل الرسالات السماوية
فتاوى حول فريضة الصيام في الاسلام
مقدمة
هلت الأيام المباركة علينا و بعد ساعات يدخل شهر الرحمة و المغفرة شهر الصوم و العبادة شهر رمضان الكريم و هنا يكثر الأسئلة حول هذه آداء هذه الفريضة و بهذه المناسبة سوف ننشر عدد من الفتاوى نشرت من قبل عبر المركز العالمي الأزهري للفتوى حول صيام رمضان
السؤال الاول؛
السؤال الخامس:
السؤال السابع :
أما إذا كان إفطاره لا يعود عليه بالنفع في صحته بحيث لا يُساعده في التعافي من هذا المرض بل يستطيع معه الصوم فلا يجوز له الإفطار، وهذا يتقرر بحسَب تقديرِ الطبيب الثقة.. والله تعالى أعلم.
السؤال السابع عشر :
السؤال الثامن عشر :
السؤال الواحد و العشرون :
تعانق الأديان على أرض مصر حقيقة تاريخية أثرية
تصحيحا للحقائق المزيفة التي انتشرت خلال السنوات الاخيرة لمدعي الفتنة في البلاد بين المسلمين و المسيحين و من إعتادوا على خلق الأكاذيب و تصديقها حتى يشيع الكراهية بين الناس ، الاثار و التاريخ يفضح الكاذبون و يعتمد الحقيقة المؤكدة التي لا يرفضها عين عاقل
في السطور التالية سنتعرف كيف أن
سماحة الإسلام
حماية المقدسات المسيحية
تؤكد الحقائق الأثرية التى تتكتشف يومًا بعد يوم أن المقدسات المسيحية كانت آمنة فى مصر ومنها الأيقونات وهى صور دينية مسيحية لها دلالات معينة وقد حميت من أن تمس بسوء فى فترة تحطيم الأيقونات التى انتشرت فى العالم المسيحى وأوربا فى الفترة من 726 إلى 843م وحميت أيقونات مصر لوجودها داخل العالم الإسلامى بعيدة عن سيطرة أوربا وزيادة على ذلك لم يمنع المسلمون جلب هذه الأيقونات المسيحية من خارج مصر إلى دير سانت كاترين حيث أن عدداً كبيراً من الأيقونات التى تعود للقرن السابع والثامن الميلادى جلبت من مناطق كانت تخضع للعالم الإسلامى فى ذلك الوقت كما حرص المسلمون على إنعاش وحماية طريق الحج المسيحى بسيناء ببناء حصون بها حاميات من الجنود لتأمين هذا الطريق وهناك كنيسة مكتشفة داخل قلعة حربية إسلامية وهى قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا ويعود تاريح الكنيسة إلى القرن السادس الميلادى حين استغل البيزنطيون جزيرة فرعون وبنوا بها فنار لإرشاد السفن بخليج العقبة لخدمة تجارتهم عن طريق أيلة قبل مجئ صلاح الدين وبناء قلعته الشهيرة بها ولم تمس أى مبانى مسيحية بسوء وكشف بالكنيسة أحجار كاملة فى صلب البناء وأخرى متساقطة بفعل الزمن عليها كتابات يونانية ورموز مسيحية وصلبان وفى منطقة حمام فرعون التى تبعد عن السويس 110كم تم كشف كهف مسيحى به رسوم لآباء الكنيسة المصرية منهم البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك رقم 20 من آباء الكنيسة المصرية الذى عاش فى القرن الرابع الميلادى ولقد هرب المسيحيون لهذه الكهوف بسيناء هرباً من الاضطهاد الرومانى وما زال هذا الكهف للآن برسومه الجميلة وكتاباته اليونانية ولم يمس بسوء وتحوى مكتبة دير سانت كاترين 200 وثيقة أصدرها الخلفاء المسلمون كعهود أمان لحماية الدير والمسيحيين عموماً نسوق منها أمثلة نرد بها على من يجهلون التاريخ الإسلامى وقيمة الحضارة الإسلامية واسهاماتها فى الحفاظ على كل رموز وآثار الحضارات والديانات السابقة وبالمكتبة مجموعة من الوثائق العربية الصادرة من ديوان الإنشاء بمصر فى عهد الفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين إلى الدير ورهبانه تلقى الضوء على طبيعة العلاقات بين رهبان الدير والمسلمين من قاطنى سيناء وبينهم وبين السلطات المسئولة فى مصر وتكشف هده الوثائق عن سياسة التسامح التى سارت عليها السلطات العربية الإسلامية حيال أهل الذمة (المسيحيون واليهود) والتى أوضحت بجلاء أن رهبان طور سيناء كانوا يعيشون فى ديرهم هادئين مطمئنين وتميز المسلمون بسعة صدورهم وتسامحهم الصادق فى أمور الدين والحريات الشخصية ومن هذه الوثائق فى العصر الفاطمى 386-410هـ ، 996-1019م وثيقة أمان من الخليفة الحاكم بأمر الله وقد تولى وزارته أربعة من المسيحيين وكان طبيبه الخاص مسيحى واعطاهم حرية دينية كاملة واكتنزوا فى عهده الثروات الضخمة واكثروا من بناء الكنائس والأديرة وكذلك عهد أمان من الخليفة الحافظ لدين الله بمعاملة القسيسين والرهبان معاملة طيبة وشمولهم بالرعاية وعهد أمان للخليفة الفائز طوله 488سم يتضمن رعاية شئون الرهبان وتأمين سلامتهم وأموالهم ومنشور الخليفة العاضد طوله 10م يتضمن كل المزايا السابقة إضافة لتسهيل مطالب الرهبان وإصلاح أمورهم وفى العصر الأيوبى 567-648هـ 1171-1250م إنتهج حكام الأيوبيين سياسة التسامح فكانوا يعنون بالدفاع عن حقوق الرهبان ويتضمن منشور الملك العادل أبو بكر أيوب حماية الرهبان مع إقرار المميزات السابقة
دخول المسيحية إلى مصر
رسالة دكتوراة تناقش المصدر الثاني للتشريع في الإسلام واليهودية
كتب د. كمال سيف
ملخص لبحث مقدم لنيل درجة الدكتوراة
عنوان البحث:
المصدر الثاني للتشريع في الإسلام واليهودية (دراسة مقارنة)
هذه الدراسة تتعلق بأمرغاية في الأهمية وهوالمصدرالثاني للتشريع سواء في الإسلام أواليهودية ،وبم أن التشريع لهم مكانة كبرى،وأهمية عظمى في نفوس الناس،فهوالمرشد لهم،والهادي إلى الحق،والمنظم لشؤون الحياة بالنسبة لأمورالدنيا والدين،والأمورالعامة والخاصة، وأمورالعبادات والعادات التي يحي لها وبها الإنسان، ويتقلب في جوانبها ليل نهار؛ ولما كان لمصادرالتشريع عامة والمصدرالثانى خاصة هذا التعلق بشتى مجالات حياة الإنسان كان للبحث فيها والحديث عنها أهمية كبرى .
حيث أن الإنسان لايستطيع أن يحيا حياة أويعيش عمرا دون نورٍيضىء له الطريق أوقبس ينيرله السبيل، لذلك أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وشرع لعباده الأحكام التي تنظم لهم أمورحياتهم دنيا ودينا، هذه الأحكام والشرائع نبعت من مصادرمتنوعة منها ماهوإلهي سماوي بوحي كالكتب السماوية المنزلة من الله عزوجل على أنبيائه ورسله " القرآن، التوراة، الإنجيل، الزبور، صحف إبراهيم " ؛ومنها ماهو بشري بوحي من الله عزوجل كالسنة النبوية المطهرة، وتعد هذه المصادرالتشريعية هي المنبع الذي ينهل منه الإنسان تعاليمه وشرائعه ، وهي المعين الصافي الذي يفيض على الإنسان بالسموالوجداني والرقي الاجتماعي، فيكون بمثابة الضامن لحياة كريمة ، ومعيشة هنيئة .
فمصادرالتشريع بمثابة الهداية للإنسان توجه وترشد لما فيه نفع وصلاح وخير، ومن خلالها يستطيع الإنسان أن يفرق بين الحق والباطل ، وبين الخير والشر، وبين النفع والضر، وبين السعادة والشقاء .
وإذا نظرنا إلى الإسلام نجد هناك تنوعاً لمصادرالتشريع كالقرآن الكريم ، والسنة النبوية ، والإجماع ، والقياس .
وأيضا بالنظرإلى اليهودية نجد تنوعاً لمصادرالتشريع كالتوراة ، والتلمود .
ويأتى القرآن الكريم مصدرا أوليا للتشريع في الإسلام ، وتأتي التوراة أيضاً مصدرا أولياً للتشريع في اليهودية .
كما تأتي السنة النبوية مصدرا ًثانيا ًللتشريع في الإسلام ، ويأتي التلمود مصدرا ثانياً للتشريع في اليهودية .
وفي هذا البحث نتطرق لدراسة المصدرالثاني للتشريع في الإسلام واليهودية من خلال مراحل الجمع والتدوين التي مربها كل من السنة النبوية والتلمود بصفتهما مصدرين من مصادرالتشريع في الإسلام واليهودية ، والمناهج المستخدمة من المحدثين فيجمعو تدوين السنة النبوية ، وكذلك مناهج الحاخامات فيجمعو تدوين التلمود ، نخوض في أعماق التاريخ فنقف على مراحل ومناهج الجمع والتدوين قديماً وحديثاً ، وكذلك عقد مقارنة بينهما لبيان نقاط الإتفاق والإختلاف – أوجه التشابه – بين هذين المصدرين إن وجدت .
ومن أهمية هذا البحث أنه يقوم بالغوص في أعماق التاريخ ليقف على المراحل التي مرت بها السنة النبوية من خلال الجمع والتدوين ، وكذلك المراحل التي مربها التلمود من خلال الجمع والتدوين .
ويقوم البحث بعرض شامل لكثيرمن الجوانب الخاصة والعامة بالنسبة للسنة النبوية والتلمود من خلال العرض، والتحليل، والنقد، والمقارنة .
كما أن لهذا البحث أهمية كبيرة في إثراء المكتبة الدينية بمثل هذه الدراسات التي تعنى بالبحث خاصة في مجال المقارنة بين الأديان .
وكذلك من أهمية هذا البحث إظهارصورة الإسلام الحسنة ، بإيضاح قيمة العلوم الشرعية والتراث الإسلامي ومدى اهتمام المسلمين بدينهم ، ورد كيد المغرضين والحاقدين على الإسلام وتفنيد شبهاتهم الباطلة .
كذلك تأتى أهمية هذا البحث في عقد مقارنة بين السنة النبوية والتلمود لانكاد نجدها في كثيرمن الأبحاث والكتابات التي تعنى بدراستهما وتوضيحا لكثيرعن كل منهما .
ويهدف هذا البحث وهذه الدراسة لبيان عدة أمورمنها:-
- المصادرالتشريعية ،وحاجة البشرية إلى التشريع ، تنوع المصادرالتشريعية في الإسلام واليهودية .
- مفهوم السنة النبوية ، ومكانتها، ومراحل جمعها ، ومناهج تدوينها ، وطرق المحدثين وعلماء الحديث والسنة في جمع وتدوين السنة النبوية المطهرة قديماً وحديثاً .
- مفهوم التلمود وتعريفه ، ومكانته، ومحتوياته، وجمعه، ومراحل تدوينه ومنهج الحاخامات اليهود في جمع وتدوين التلمود قديماً وحديثاً .
- عقد مقارنة بين السنة النبوية والتلمود من خلال الجمع والتدوين والمناهج المستخدمة من قبل المحدثين في جمع السنة النبوية وتدوينها، وكذلك مناهج الحاخامات في جمع التلمود وتدوينه .
- إظهارمدى دقة نقل النص وأهداف المبدلين حسب مشاربهم العقدية والفكرية والمذهبية .
وقد تنوعت الاتجاهات المنهجية المستخدمة في هذا البحث:-
فتقوم هذه الدراسة على استخدام المنهج التحليلى من خلال عرض المفاهيم والقيام بالنظر فيها بالتثبت والتحليل للمعلومات الواردة في البحث
واستخدام المنهج التاريخى من خلال توظيف أدوات بحثية دقيقة والتثبت من التواريخ والمراحل التي مرت بها السنة جمعاً وتدويناً، وأيضا بالنسبة للتلمود نستخدم المنهج التاريخى للوقوف على مراحل جمعه وتدوينه ومراحل تطوره تاريخياً .
وكذلك استخدام المنهج النقدي من خلال تناول الأراء والتأويلات الباطلة التي ليس لها أى أساس من الصحة وتفنيدها .
وتدخل هذه الدراسة ضمن الدراسات المقارنة في تناول مراحل الجمع ومناهج التدوين للمصدرالثاني للتشريع في الإسلام واليهودية ( السنة النبوية – التلمود ) .
ومن خلال متابعة الأحداث الأخيرة والمعاصرة للساحة الدينية نجد أن هناك هجوما شديدا وعنيفاً على السنة النبوية وإيراد كثيرمن الشبهات والتشكيك فيها، فأردت بهذا البحث بيان ماطرأعليها من شبهات والقيام بالردعليها وتفنيدها، كذلك إظهارالسنة النبوية ومايتعلق بها فى ثوب مشرق ناصع .
كذلك نتعرض لبيان المصدر الثانى للتشريع فى اليهودية ، والذي أتى عليه كثيرمن الأقاويل والشبهات ، فأقوم بالعرض والتحليل والمقارنة .
والمكتبة الدينية فى احتياج لمثل هذه الدراسات التي تجمع بين جوانب مختلفة من الأديان ، وتضعها فى إطارالدراسات المقارنة التي يحتاج إليها الكثيرمن الناس الذين يبحثون عن الحقيقة ويريدون الوصول للحق .
رسالة ماجستير تناقش موقف المستشرقين اليهود من القصص القرآني
كتب د.كمال سيف
عنـــوان الرسالة : موقف المستشرقين اليهود من القصص القرآني ( دراسة تحليلية نقدية )
الاســـــــــــــــــم : كمال محـمد علي ســـيف .
القســـــــــــــــــم : دراسات وبحوث الديانات .
ملخص الرسـالة :-
هذا البحث يتطرق لنقطة هامة لطالما أولاها كثير من المستشرقين إهتماما بالغا وهى: القصص القرآنى ، حيث قاموا بإعداد كثير من الشبهات والمطاعن والتأويلات حول القصص القرآنى ، فهذه الدراسة تقوم على عدة محاور ، فجاء المحور الأول : لبيان الاستشراق وتعريفه لغة واصطلاحا ، وتاريخا ونشأة وكذلك دوافع المستشرقين المتعددة من دوافع سياسية ، ودوافع دينية ، ودوافع اقتصادية ، ودوافع تاريخية ، ودوافع علمية ، كذلك أهدافهم من هذه الدوافع وما يسعون للوصول إليه وما يطمحون بتحقيقه من خلال عملهم هذا ودراستهم للشرق وما يحويه من جوانب عدة كتاريخ وسياسة واقتصاد ودين وعلم وتطور إلى غير ذلك ، وقد قامت أعمال هؤلاء المستشرقين والمهتمين بالشرق وما فيه من خلال الوسائل المتعددة والتي اتخذها المستشرقون اليهود ، سواء كانت من الوسائل القديمة كتأليف الكتب ، وتحقيق المخطوطات ، وإصدار الموسوعات العلمية الإسلامية والشرقية بوجه عام ، وترجمة التراث الإسلامي ومصادره ، كتلاجمة القرآن الكريم التي جاءت على أيدي كثير من المستشرقين ، والتي فيها ما فيها من تحامل على الإسلام ، وترجمة كتب السنة وغيرها من التراث الإسلامي الضخم الذي ورثه لنا علماؤنا الكرام ، كذلك استخدم المستشرقون وسائل أخرى كإنشاء المطابع والتي تخدم أعمالهم ونشر كتبهم ، كما قاموا بإنشاء الجمعيات التي تساعدهم على نشر فكرهم واستقطاب أعوانهم ، وإصدار المجلاة والصحف والدوريات ، التي من خلالها يبثون السم في العسل ، متغنين بنبرة الثقافة والعلم ، ولم يأل المستشرقين جهدا في إنشاء المدارس والمعاهد ، واتخاذ الكراسي الجامعية ، والتسلل إلى المجامع العلمية ، وقد قاموا بعقد الكثير من المؤتمرات ، والعديد من المحاضرات والندوات التي ساعدتهم كثيرا في بث أفكارهم ، ونشر أعمالهم ، وهناك من وسائلهم إنشاء المكتبات التي من خلالها يضعون المطادر والمراجع والكتب التي تخدم فكرهم ، وما يريدون للقاريء أن يمر عليه ويراه ، كما كان من الوسائل الحديثة والمعاصرة للمستشرقين إنشاء الجامعات ، والمراكز البحثية ، التي اتخذت من البحث العلمي ستارا لها ، وهي في الأصل لا تنظر للعلم والبحث العلمي والأدب العلمي أي نظرة ، قامت المراكز البحثية للسعي والوصول إلى نقاط القوة لدى العالم العربي والإسلامي فيضعفونها وإلى نقاط الضعف فيوهنونها ، وما قاموا به للتأثير والتوجيه للرأي العام العالمي لصالح عقائدهم ، وما يطمحون إليه وتسيير الرأي العام العالمي وفق توجهاتهم ، وحسب ميولهم .
والمحور الثاني للدراسة يقوم على بيان القصة ومفهومها اللغوي والاصطلاحي كذلك المفهوم القرآني ، وما يكون في معناها كالحكاية ، والخبر ، والنبأ ، وغير ذلك من المرادفات اللغوية ، وكذلك مفهومها التوراتي وعند اليهود ، ومدى تأثرهم بالقصة وارتباطها عندهم بالعقيدة ارتباطا وثيقا ، واختلاف القصص القرآني عن القصص التوراتي في كثير من النواحي ، مثل الترتيب الزمني ، والوصف الحقيقي ، والتنزيه لكل من يستحق قدرا أو شرفا أو منزلة ، وفي هذه الدراسة بيان لتكرار القصص القرآني ودواعيه ، كذلك أنواع التكرار في القرآن الكريم ، وأن التكرار يكون لغرض ولهدف معين يساق من أجله ، كذلك المنظور الاستشراقي للقصص القرآني ، وما أثاروه من شبهات وأباطيل حول القرآن الكريم ، وأنه – القرآن – قد تأثر من وجهة نظرهم بغيره من الحضارات والديانات ، كما أنه – القرآن – قد أخذ من غيره من الكتب المقدسة لدى اليهود والنصارى ، لكنه ثبت بالدليل والبرهان بطلان هذه الدعاوى ، والتي ما نبتت سوى من حقد دفين ، وغيظ كبير على الإسلام والمسلمين .
والمحور الثالث في الدراسة حول قصص القرآن الكريم ، وقد جعلت من قصص أولي العزم من الرسل نموذجا لسرد ما ورد حول قصصهم من افتراءات وأباطيل من مستشرقي اليهود ، فقد أثاروا الكثير من الشبهات حول نبي الله نوح عليه السلام ومنها : تشكيكهم في ثورته على أصنام قومه وأن القرآن قد نسج هذه القصة ليبطل ما عليه المشركين من عبادة للأصنام والأوثان ، وثبت ضعف مقولتهم بل بطلانها وتهافتها أمام النص القرآني والقصص القرآني ، كذلك أثاروا من الشبهات حول قصص نبي الله إبراهيم عليه السلام ، وأن القرآن قد غلط في ذكر اسم أبيه حينما سماه ( آزر ) وهو عند اليهود وفي كتبهم اسمه ( تارح ) ، وثبت بالبرهان القطعي أن رواية القرآن هي الصحيحة والثابتة ، وما جاء به هو الحق ، كذلك أثاروا حول نبي الله إبراهيم شبهة وصفه بالحنيف ، وأن المراد بالحنف هو الإعوجاج ، لكن بعد رواية الدلول اللغوي لهذا الوصف ثبت صحته وأن الحنف هو الاستقامة ، وأن نبي الله إبراهيم قد جاء بالدين الحق ، كما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أمر في غير أية باتباع ملة إبراهيم ، وسلوك منهجة ، والسير على دربه ، فدين الخليل إبراهيم هو الحنيفية السمحة وهو الإسلام ، كما أن الدين الذي جاء به النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم هو أيضا الإسلام والحنيفية السمحة ، كذلك الشبهات التي ما تركوا نبيهم ورسولهم موسى عليه السلام لينجو منها بل أثاروا حول قصصه الوارد في القرآن الكريم الشبهات والافتراءات بأن القرآن قد غلط ونقل عن التوراة قصة البقرة التي حدثت في بني إسرائيل في عهد موسى عليه السلام ، كما ادعوا أن القرآن في ذكره للسامري الذي صنع العجل لبني إسرائيل ليس هو سامري موسى عليه السلام بل شخص أخر ، وبالنسبة لنبي الله عيسى عليه السلام فلم يسلم أيضا من إثارة الشبهات والافتراءات حوله وما جاء من قصته في القرآن الكريم ، فقد طعنوا على قصة عيسى عليه السلام الواردة في القرآن الكريم التي مفاداها أنه لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله عزوجل إليه ، مدعين بالباطل أن القرآن قد غلط في سرد القصة وأنه – في اعتقاده – قد قتل وصلب فداء للبشرية ، وبالنسبة لخاتم النبيين وأشرف المرسلين فقد نال القسط الوافر من شبهات المستشرقين اليهود ، وحول ما جاء من قصص خاص به في القرآن الكريم ، حيث سارعوا بالطعن على قصة الإسراء والمعراج ، وأنها ما كانت سوى خيالات للنبي محمد ، كذلك نسجوا افتاءهم حول قصة الإفك والتي تتعلق بزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي اللع عنها وأرضاها رمز العفة والطهارة ، وخاضوا وقالوا ملا ينبغي أن يكون في إمرأة حرة فضلا عن أن تكون أم المؤمنين وزوجة أشرف الخلق أجمعين ، وقمت بالرد والتفنيد العلمي لما أثاروه من أباطيل ، وثبت بالحق العلمي مدى تهافت أقوالهم ، وتهاوى حججهم ، وما يتناسب مع هؤلاء الصفوة الكرام ، وما عليه القرآن الكريم من صدق وحقيقة ، على أساس علمى وعرض منهجى .
العقيدة والدين بين الخوف واليقين
هذه الكلمة لها مرادفات وأضداد كثيرة ومعانٍ تختلف بحسب إختلاف النطق بناءاً على علامات التشكيل ؟!
••• ثانياً تعريف معنى كلمة (عقيدة) :
مسجد سادات قريش
كتب د. كمال سيف
تعد مدينة بلبيس من أقدم مدن مصر وكانت في العصور الأولى لمصر مدخلا ومعبرا للوافدين عليها، تقع المدينة بمحافظة الشرقية التي تعتبر البوابة الشرقية لمصر، ومهبط العديد
من الأنبياء والصحابة والزعماء والقادة التاريخيين، كانت بداية الفتح الإسلامي لمصر من مدينة بلبيس، حيث وصل عمرو بن العاص مدينة بلبيس ودارت المعركة بين المسلمين والرومان، وسميت معركة بلبيس، وعقب انتهاء هذه المعركة تم بناء مسجد، سمي هذا المسجد باسم: " مسجد سادات قريش "، نسبة إلى قريش وهي القبيلة التي ينتسب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يطلق عليه مسجد الشهداء، وقد أطلق عليه هذا الاسم تكريما لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله فى معركتهم ضد الرومان عند فتحهم لمصر .
ويعتبر مسجد سادات قريش هو المسجد الخامس عشر في الترتيب على مستوى العالم، ويعد من أهم المعالم الإسلامية البارزة، كما يعتبر أقدم الجوامع بمصر .
يذهب بعض المؤرخين إلى الاعتقاد بأن هذا المسجد هو أول مسجد بنى فى مصر وأفريقيا قبل مسجد عمرو بن العاص في مدينة الفسطاط ومسجد الرحمة فى الإسكندرية .
واشترك في تحديد القبلة عدد خمس وعشرون صحابيا، وتعتبر القبلة الرئيسية فى مصر وأقدم قبلة بعد المساجد الثلاث -المسجد الحرام والأقصى وقباء- ويعتبر مسجد السادات أول مسجد بني في قارة أفريقيا .
والمسجد مستطيل الشكل يحتوى على ثلاثة صفوف من الأعمدة الرخامية ومقسم إلى أربعة أروقة موازية لحائط القبلة، وتيجان الأعمدة مختلفة الأشكال، وتبلغ مساحته حوالي ثلاثة آلاف متر مربع، وقد تم ترميم المسجد في العصر العباسي في عهد الخليفة المأمون وأطلق عليه جامع المأمون، وحتى الآن والمسجد أثر يقصده الكثيرين ويتوافد عليه الآلاف من أبناء مركز بلبيس لتأدية الصلاة فيه فى شهر رمضان الكريم .
مرحبا رمضان
كتب د. كمال سيف
"رغم أنك تصوم منذ قرون، دعه يكون رمضانك الأول" قالها د/ أحمد خيري العمري في كتابه (الذين لم يولدوا بعد)، دعوني أبدا حديثي من هذه الجملة؛ مرت الأيام والشهور، وها نحن على أعتاب بل في رحاب شهر كريم، موسم عظيم، شهر نزول القرآن، شهر الشّفاعة بالصّيام والقرآن، شهر القيام بالتّراويح والتهجّد، شهر تكفير الذّنوب، شهر تصفيد الشّياطين، شهر تغلق فيه أبواب الجحيم، شهر تفتح فيه أبواب الجنان، شهر الجود والإحسان، شهر العتق من النّيران، شهر ليلة القدر، شهر الدّعاء، شهر الجهاد، شهر مضاعفة الحسنات، شهر الصّبر والشُّكر، وغير ذلك الكثير والكثير، ألا يا باغيَ الخير أقبِل، ويا باغي الشرّ أقصِر، إنها لنعمة كبيرة أننا بَلغنَا هذا العام شهر رمضان فضلا من الله ومنة .!
إن العاقل لا تمر عليه مواسم الطّاعات وأيّام القُربات بلا اغتنام أو استثمار؛ لأنّ الأبرار ما نالوا البرّ إلاّ بالبرّ، فاجعل شعارك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ”افعلوا الخير دَهرَكُم، وتعرّضوا لنفحات رحمة الله، فإنّ لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده”، وقوله: ”إنّ لربّكم في أيّام دهركم نفحات، فتعرّضوا لها، لعلّ أحدكم أن يُصيبه منها نفحة لا يشقَى بعدها أبدًا”.
حينما تتمعن في شهر رمضان تجد أنه هبةٌ من الله، للتائهين، للذين أنهكتهم هذه الدنيا، جاءهم ليساعدهم على ترتيب ذواتهم وإبعادهم عن طريق الظلال، طريق البؤس والحياة السوداء، تجد أنه جاء لينير علينا أيامنا، جاء ليضمّد جراحنا البليغة، جاء ليسعدنا رغم شقائنا، كيف لا يسعدنا وفيه من الأجر العظيم والفوز الكبير والرحمة والمغفرة من رب العباد! عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" .
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يبشّر أصحابه بقدوم شهر رمضان، وكيف لا يبشَّرُ المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النّيران، كيف لا يبشّر العاقل بوقت يغلّ فيه الشّيطان، فعن أَبي هريرة - رضي اللهُ عَنه- َّ أن رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: " إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَت أَبوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ " رواه البخاري ومسلم .
كان الصالحون يعدون إدراك رمضان من أكبر النعم، فكان رمضان يدخل على أحدهم ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء، كان رمضان يدخل عليهم وهم يترقبونه وينتظرونه، يتهيئون له بالصلاة والصيام والصدقة والقيام، أسهروا له ليلهم، وأظمئوا له نهارهم، يقول معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يُبَلّغهم رمضان، ثمّ يدعونه ستة أشهر أن يتقبّل منهم، وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللّهمّ سلّمني إلى رمضان، وسلّم لي رمضان وتَسَلّمه منّي متقبّلا .
إلى الباحثين عن عفو الله ومغفرته، هذه جنة الخلد تمشي على الأرض بين يديك، ورحمات ربك المنزلة تعرض نفسها عليك، وصوت الحادي ينادي: قد جاءك شهر رمضان شهر العتق من النيران والقرب من الرحمن، يا من ترجو الجنان، وتأمل العتق من النيران، ها قد أظلّكَ شهر كريم، تفتَّح فيه أبواب الجنان وتغلّقُ أبواب النيران، وتصفّدُ الشياطين، فيه ليلة خير من العمر كله؛ فهيا كحل عيونك بالسهر، وأسرج جوادك للسفر، واعلم أن هجر الوسادة ثمن السيادة، اصدق مع الله ولو مرة وسترى العجب، أنت مدعو على موائد الكرم الإلهي والأجر الرباني وحقٌ على المزور أن يكرم زائره .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، ليس هذا فحسب بل إن الحسنات أجرها مضاعف في شهر رمضان المبارك، فقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي)! إنها لفرصة عظيمة في هذا، أفلح من اغتنمها، وقد خابَ من تركها .!
إنها الفرصة الكبرى والمنة العظمى، من اغتنمها نجح، ومن استثمرها ربح، وأي فضل لرمضان بعد مغفرة الذوبان ومحو السيئات،
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: ( آمين، آمين، آمين، قيل: يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر قلت: آمين، آمين،آمين، قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد .. من أدرك أحدَ والديه فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين قال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأُدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين قال: ومن ذكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين ) رواه أحمد .
رمضان أقبل .. فأقبل إليهِ كالظمآن وارتوِ منه، أقبِل إليه بجوارحك، بتفكيرك، بنفسك، أقبل إليه بكامل قوّتك، وطاقتكَ، أقبل إليه كالمشتاق لأمه من طول غياب، أقبل إليه كالعائد من حرب، أقبل إليه بكل ما فيك، أقبل على ربك، متضرعاً خاشعا، فإنه يقبل توبة التائبين، من قصد بابه لم يكن من الخائبين .
نبي الله إدريس عليه السلام
كتب د. كمال سيف
هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام .
وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء ألف سنة .
فهو أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، وقد أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، كما أنه أول من خط بالقلم، وكذلك أول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علم النجوم وسيرها، كان صديقا نبيا ومن الصابرين .
ونبي الله إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا} [مريم : 56] .
وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً، أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم، لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية، قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} [الأنبياء : 85] .
وقد اختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) ؟ فقال: إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعون الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلا .
وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد، وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها، وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم .
وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة .
وقد أُخْتُلِفَ في موته .. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب ! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟! فقبض روحه هناك، فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} .
ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها، وعنده .. فقال لذلك الملك: سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر، وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة .
وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى، إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك، فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار، والله أعلم .
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} : رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك .
والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد .
وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل.
قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له .
وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين .
نبي الله شيث عليه السلام
كتب د. كمال سيف
هو نبي الله شيث بن آدم عليهما السلام من صلبه، وقد ولدته حواء بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل، ومعنى شيث: هبة الله، وسمياه بذلك لأنهما رزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل .
لما مات آدم عليه السلام قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبياً، وأنزل عليه خمسين صحيفة، روى أبو ذر الغفاريّ -رضي الله عنه- عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أُنزل على شيث خمسون صحيفة) رواه ابن حبان .
قال: محمد بن إسحاق: ولما حضرت آدم الوفاة عهد إلى ابنه شيث، وعلمه ساعات الليل والنهار، وعلمه عبادات تلك الساعات، وأعلمه بوقوع الطوفان بعد ذلك .
وقام شيث عليه السلام بالأمر بعد آدم عليه السلام وصار يدعو إلى طاعة الله وشريعة الله، وأخذ يشرِّع للبشرية أمور الدين، ويبين لهم الحلال والحرام، وقد كان الناس في زمانه على دين الإسلام يعبدون الله تعالى وحده ولا يشركون به شيئًا، وأنزل الله عليه شرعًا جديدًا وهو تحريم زواج الأخ من أخته غير التوأم بعد أن كان حلالاً في شرع آدم .
أقام شيث بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات، وقيل إن شيثًا لما مرض أوصى إلى ابنه أنوش، وقيل دفن مع أبويه آدم وحواء عليهما السلام في غار بأبي قبيس في مكة، ويقال إنه دفن بقرب مسجد الخيف بمنى .
وهو من تعود إليه أنساب بني آدم كلهم اليوم، وذلك أن نسل سائر ولد ءادم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا لم يبق منهم أحد، وكذلك نسب الأنبياء إلى سيدنا محمد عليه السلام؛ حيث قيل إن أبناء بني آدم انقرضوا جميعًا، ولم يتبق من أنساب ترجع إلى "شيث" فقط .
فلما حانت وفاته أوصى إلى أبنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل - وهو الذي يزعم الأعاجم من الفرس أنه ملك الأقاليم السبعة، وأنه أول من قطع الأشجار، وبنى المدائن والحصون الكبار، وأنه هو الذي بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى، وأنه قهر إبليس وجنوده وشردهم عن الأرض إلى أطرافها وشعاب جبالها، وأنه قتل خلقاً من مردة الجن والغيلان، وكان له تاج عظيم، وكان يخطب الناس ودامت دولته أربعين سنة، فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى إلى ولده خنوخ، وهو إدريس عليه السلام على المشهور .
ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن ابن عباس قال: " ولد لشيث أنوش وولد معه نفر كثير، وإليه أوصى شيث، ثم ولد لأنوش بن شيث ابنه قينان من أخته نعمة بنت شيث بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش، وولد معه نفر كثير، وإليه الوصية، وولد قينان مهلائيل، ونفر كثير معه، وإليه الوصية، وولد مهلائيل يرد، وهو اليارد، ونفر معه، وإليه الوصية، فولد يرد خنوخ، وهو إدريس النبي، ونفر معه، وإليه الوصية .